تحليل أثر تبني معايير المحاسبة الدولية للقطاع العام (IPSAS) على جودة المعلومات المالية في المؤسسات الحكومية الليبية
الملخص
شهد العالم اليوم توجهاً متزايداً نحو تحسين أنظمة التقارير المالية الحكومية، حيث تبرز معايير المحاسبة الدولية للقطاع العام (IPSAS) كأداة محورية لتعزيز الشفافية والحوكمة المالية. تسعى هذه الدراسة إلى تحليل أثر تطبيق IPSAS على جودة المعلومات المحاسبية ضمن المؤسسات الحكومية الليبية، وذلك في سياق يتسم بتحديات تنظيمية وتكنولوجية معقدة.
رغم أن ليبيا بدأت خطوات أولية نحو تطبيق IPSAS، فإن ذلك لا يزال محاطًا بصعوبات متعددة كضعف البنية المؤسسية، وقصور الكفاءات البشرية، وغياب إطار تنظيمي متكامل. ومن هنا تنطلق الدراسة من تساؤل رئيس: ما مدى تأثير تطبيق معايير المحاسبة الدولية للقطاع العام (IPSAS) على جودة المعلومات المحاسبية في المؤسسات الحكومية الليبية؟
هدفت هذه الدراسة إلى تحليل أثر تطبيق معايير المحاسبة الدولية للقطاع العام (IPSAS) على جودة المعلومات المحاسبية في المؤسسات الحكومية الليبية، مدفوعةً بالسعي نحو تعزيز الشفافية والحوكمة المالية. تنبع أهميتها من التحديات المؤسسية والتنظيمية في ليبيا، كضعف البنية المؤسسية ونقص الكفاءات وغياب الإطار التنظيمي المتكامل لتطبيق المعايير. اعتمدت الدراسة المنهج الكمي، مستخدمةً نموذج المعادلات الهيكلية (PLS-SEM) لتحليل العلاقة بين تطبيق IPSAS كمتغير مستقل، وجودة المعلومات المحاسبية بأبعادها الأربعة: الملاءمة، الموثوقية، القابلية للمقارنة، والقابلية للفهم. جُمعت البيانات من عينة تضم 233 موظفًا في مؤسسات حكومية بالمنطقة الشرقية، عبر استبيان بمقياس ليكرت الخماسي. سعت الدراسة لقياس التزام هذه المؤسسات بـ IPSAS، وتحليل أثره على جودة المعلومات، وتشخيص المعوقات، وتقديم توصيات لتحسين الإفصاح المالي. أظهرت النتائج وجود علاقة قوية من حيث الحجم بين تطبيق المعايير وجودة المعلومات المحاسبية (معامل المسار = 0.864) ، لكنها لم تكن ذات دلالة إحصائية (P-value = 0.746)، مما يشير إلى غياب تأثير معنوي ضمن العينة المدروسة. كما كشفت عن تباين في تأثير المعايير على أبعاد الجودة، حيث سجلت القابلية للمقارنة أعلى تحسن (42%)، بينما كانت الفهمية الأقل (23%). أكدت الدراسة أن غياب التدريب، ضعف البنية التحتية، وقصور الدعم المؤسسي عوامل سلبية أعاقت الأثر الكامل لتطبيق IPSAS. بناءً عليه، خَلُصت الدراسة إلى أن تحسين جودة المعلومات المحاسبية يتطلب تجاوز التطبيق الشكلي، وتوفير بيئة مؤسسية وتنظيمية داعمة تشمل تدريب الموظفين، وتطوير نظم المعلومات المالية، وتعزيز الرقابة والمتابعة المستمرة.