جابر بن حيّان ومشروعه العلمي المبتور: من الطفرة العقلانيّة إلى الانتكاسة الابستمولوجيّة

   نسعى من خلال هذه الورقة العلميّة إلى استئناف القول في تاريخ العلوم العربيّة على نحو آخر. ذلك أنّ النّقاش الفلسفي يقتضي النّبش في تاريخ تلك التحوّلات الابستمولوجيّة وتتبّع مساراتها العلميّة المتقلّبة لفهم سرّ عدم تحقيق اكتفائنا الذّاتي من العقلانّية. وإذا كان تاريخ العلوم يتمّ عن تتابع يكاد يُلغي كلّ الفواصل الزمنيّة، كما يذكر الفارابي، فإنّه لابدّ من مناقشة تلك الفتوحات العلميّة التي مثّلت النّواة الأولى للابستمولوجيا العربيّة. وسنحاول تتبّع تجليّات تلك الطفرة العقلانيّة الهائلة، في ربط غير مسبوق بين التّجربة والمعنى في المشروع العلمي لجابر حیّان (101- 197هـ) الذّي سبق عصره. ثمّ في مرحلة أخرى، نهدف إلى فهم ذلك الانفصام الابستمولوجي، والسقوط العقلاني المُدوّي لهذا المشروع المبتور، وتتبّع تورّط العقل العلمي الذّي وقع في فِخاخ اللّاعقلانيّة ومتاهات الغنوصيّة. ويهدف بحثنا إلى إعادة "استشكال "هذا الجدل العقلاني المبكّر من أجل التخلّص من عبء اللّامعنى الذّي جعلنا خارج دوائر العقل والتاريخ.