التناص في شعر المتنبي
الملخص
يتناول هذا البحث ظاهرة التناص في شعر المتنبي من خلال تحليل بعض الأبيات المختارة ، فالتناص مصطلح نقدي حديث يشير إلى التداخل بين النصوص وذلك لاعتماد نص لاحق على نصوص سابقة ، فهو أعادة نص سابق في قالب شعري متجدد، وكان للباحثة الفرنسية جوليا كريستيفا دور مهم وكبير في صياغة هذا المصطلح ، ويعد التناص ظاهرة أسلوبية وبلاغية ، ومن أبرز المفاهيم النقدية الحديثة التي ظهرت في سياق تطور الدراسات الأدبية واللغوية ، فهو يشير إلى العلاقة بين النصوص عندما يكون النص في حوار مع نصوص أخرى سابقة أو معاصرة ،فالنص الأدبي يتشكل عبر تقاطعات متعددة مع غيره ،حيث يظهر النص الجديد متأثراً أو مستفيداً، وبذلك يكشف التناص ثقافة الشاعر وإطلاعه ويعطي أبعاداً معرفية وجمالية، كما يساعد في فهم النص من خلال ربطه بسياقات أخرى ، فالنص لم يعد يُفهم بمعزل عن غيره أو يُقرأ بوصفه وحدة مستقلة بل في تقاطع علاقات نصية تمنحه معاني وأبعاد جديدة ، يمنح القارئ الفهم الأعمق والأشمل للنص الأدبي، ليعبر عن ظاهرة حضور نصوص أخرى داخل النص ، والشعر العربي كان ولايزال تراثاً غنياً عبر العصور، محافظاً على أصالته وقيمه الجمالية ، ومع تطور الأدوات والأساليب الفنية ظهر مصطلح التناص الذي يستعمله الشاعر لإثراء النصوص وإضفاء أبعاد جديدة على المعاني القديمة ، وذلك لتكثيف الدلالة على النص وربطه بالتراث والتجربة الإنسانية من حيث المعنى والبنية والتأويل حيث أن النص في أعماقه وخفايه إشارات وتأثيرات وإقتباسات من نصوص أخرى ، حيث يكتسب معاني جديدة ومستويات دلالية مبتكرة وتقديم رؤية مختلفة من خلال التضمين أوالإشارة أو المعارضة، فهو أحد أدوات الشاعر لتوسيع المعنى وربطه بأبعاد ثقافية وفكرية وليس تكرار بل إبداع جديد بعد صياغة التراث برؤية معاصرة ،فقد استخدم المتنبي التناص لبناء شخصية شعرية متفردة تتحدث باسم التاريخ والفلسفة ،ويعد المتنبي من الشعراء الذين وظفوا التناص بوعي فنى وخيالي وفكري ، وجعل من شعره نصوصاً زاخرة بالإيحاءات والإشارات إلى التراث العربي والإسلامي.

